19 avr. 2016

من أغرب ما قيل عن الأرض




نظرا لأن مقالي السابق كان علميا بحت أردت تلطيف الجو قليلا قبل أن نعود إلى قصة الكون.
وَضع النظريات والإيمان بالمعتقدات، هما أمران من أسهل ما يمكن للمرء فعله في
حياته دون أي عناء يُذكر، فبعض الأشخاص تتلخص هوايتهم في الجلوس بجوار مدفأتهم شتاءاً، برفقة غليون مُشتعل، مُفكرين في الكون بطريقتهم الخاصة، محاولين إيجاد طريق أو وسيلة سهلة تقنعهم بما يؤمنون به وما يعتقدون. طبعا في مجتمع حر يحق لكل فرد أن يؤمن بما يشاء لكن وكما يقال "اعبد الحجر إن أردت ولكن لا تضربني به" لذلك المشكل الحقيقي في من يأتي بأفكار لا أساس لها ولا جذور في النطاق العلمي بدون أي دليل إطلاقا لا ملموس ولا حتى نظري ثم يبدأ بنشرها...
حسناً، في هذا السياق  هناك بعض  من أغرب النظريات التي قيلت عن الأرض، وتعددت في الآتي..

نظرية الأرض المجوفة

تصور لنظرية الأرض المجوفة ونشأة الشفق القطبي من داخلها
تصور لنظرية الأرض المجوفة ونشأة الشفق القطبي من داخلها
خلال القرنين السابع عشر، والثامن عشر الميلادي و خلال عام 1692 م، اقترح ” إدموند هالي” نظرية حاول من خلالها تفسير و شرح القراءات الشاذة للبوصلة. تنص النظرية على أن الأرض تتكون من قشرة جوفاء، سُمكها حوالي 800 كم، وقشرتين داخليتين، و قشرة واحدة أخرى أساسية هي القشرة الأعمق من سابقاتها، بطول قُطري مساوياً تقريباً لأقطار الكواكب ” الزهرة والمريخ وعطارد” مجتمعة.
تلك القشرتين لهما غلاف جوي، ومجال مغناطيسي خاص لكل منهما، و تدور تلك المجالات بسرعات مختلفة، كما أن الغلاف الجوي الداخلي للقشرتين مضيء، و يُمْكن أن يكون مأهول بسكان أصليين أيضاً. و عزى ظهور الشفق القطبي لما يعتقد أنه غاز متسرب من تلك الطبقة المأهولة. للعلم فقط، هذه تعتبر أغرب نظريات إدموند هالي.
تصور للأرض المجوفة بفتحتين كبيرتين عند القطبين، وتتوسطها شمُسنا المضيئة
تصور للأرض المجوفة بفتحتين كبيرتين عند القطبين، وتتوسطها شمُسنا المضيئة
و في القرن التاسع عشر عام 1818 م، اقترح “جون كليف سيمس” الابن أيضاً، أن الأرض تتكون من قشرة جوفاء سُمكها حوالي 1300 كم، مزودة بفتحات عند القطبين اتساعها حوالي 2300 كم، مع أربع قشور أخرى داخلية للأرض منتهية عند فتحات القطبين.

نظرية الأرض المقعرة

تصور للأرض المقعرة
تصور للأرض المقعرة
تعتبر تلك النظرية مصاحبة للنظرية الأولى، ولا تختلف كثيراً عنها، حيث ادعى البعض أن الأرض مقعرة و بدورنا نعيش نحن داخلها!
في القرن العشرين، قام العديد من الكتاب الألمان مثل “بيتر بيندر” و “يوهانس لانغ” و”كارل نيورت” و”فريتز براون”، بنشرت أعمال تتضمن فرضية الأرض المجوفة، أو ” Hohlweltlehre “. يقال أن أدولف هتلر كان متأثراً كثيراً بفكرة أن الأرض جوفاء – مقعرة، فأرسل رحلة استكشافية تحت ذلك التبرير في محاولة فاشلة للتجسس على الأسطول البريطاني، واضعاً كاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء في تلك المهمة.

نظرية يموريا وأتلانتس

تصور لجزيرة يموريا المفقودة
تصور لجزيرة يموريا المفقودة
بدأ التساؤل حول احتمالية وجود هذه الجزيرة المفقودة، من رجل يدعى ” فيليب سكلاتر “، الذي وجد نفسه يتساءل: لماذا هناك تشابه بين حفريات يمور ” نوع من القردة “، في الهند و جزيرة مدغشقر، ولا توجد في أفريقيا أو أماكن أخرى ؟
فقال أنه ربما كانت هناك كتلة يابسة عملاقة من الأرض واقعة في المحيط الهندي والهادي تربطهما ببعضهما، إلاّ أنها اختفت حالها كحال ” أتلانتس ” المفقودة، وسماها بنفسه ” يموريا ” تيمناً بالحفريات التي وجدها.

اعتقاد Geoterrapinism

صورة توضح ذلك الإعتقاد الغريب
صورة توضح ذلك الاعتقاد الغريب
ببساطة هذه مجرد فرضية بُنيت على أسطورة قديمة في القرن السابع عشر، من رجل يدعى” جاسبر دانكاريست” نقلها على لسان السكان الأصليين لأمريكا قديماً. تقول هذه الأسطورة أننا وعالمنا هذا كله نعيش على ظهر سلحفاة عملاقة هائمة في الفضاء.  الغريب أن تلك الفرضية لا زالت سائدة في ثقافات بعض مناطق الصين والهند إلى الآن.

نظرية تعاقد أو انكماش الأرض

صورة للأرض المنكمشة كما درسها واضع النظرية
صورة للأرض المنكمشة كما درسها واضع النظرية
قبل اعتماد مفهوم نظرية الصفائح التكتونية التي تشرح ماهيّة الأرض، وحركة الغلاف الصخري لها، وضُعت نظريات عديدة وغريبة عن الأرض. حيث وضع جيمس دوايت دانا نظرية تدعى ” geophysical global cooling “، التي تنص على أن الأرض كاملة كانت في حالة منصهرة،  ثم حدث لها حادثة تبريد ضخمة وشاملة لأجزائها الداخلية، أدى ذلك لتعاقدها أو انكماشها.
وبالطبع ما يحدث في باطن الأرض، ينعكس دائماً على السطح، فكانت نتيجة ذلك الانكماش_وفقاً للنظرية_أدى ذلك لتكون التضاريس وأبرزها الجبال.

نظرية توسّع الأرض

صورة لأطوار توسع الأرض وفقاً للنظرية !
صورة لأطوار توسع الأرض وفقاً للنظرية !
تبدو تلك النظرية مترابطة بشكل ما بسابقتها، فهي توضح أن الأرض كانت كرة صغيرة منكمشة على بعضها، ثم حدث لها توسع ملثما يحدث للكون حولنا. كان لظهور نظرية الصفائح التكتونية عام 1970 م، والاعتراف بها رسيماً مُجْملاً.
الفضل في دحض مثل تلك النظريات الغريبة، و توضح نظرية الصفائح التكتونية بخصوص هذه المعضلة، أن القشرة الأرضية هي التي تتحرك وليس حجم الأرض هو الآخذ في التوسع.

نظرية الأرض ثابتة

صورة لتصوّر الأرض الثابتة
صورة لتصوّر الأرض الثابتة
منذ قديم الأزل و الناس في تخبط بين أي منهما المركز، الأرض أم الشمس؟ ، هل تدور الأرض حول نفسها أم أنها ثابتة ؟ فوضعت العديد من النظريات من علماء كبار، و رجال دين. لكن تلك النظريات دُحضَت حين أثبت العالم ” جاليليو ” أن الشمس هي المركز، والأرض تدور حولها وحول نفسها في آن واحد.
و بكل أسف لا زالت إلى الآن تلك النظرية من عقود مضت سارية المفعول في بعض المناطق من العالم الحديث!

نظرية مكعب الوقت

جون راي صاحب النظرية
جون راي صاحب النظرية
رجلٌ غريب يدعى ” جين راي “، وضع فكرته الخاصة التي سمّاها ” مكعب الوقت “عام 1997 م. تنص الفكرة في اعتقاده، أن كل قواعد الفيزياء المعروفة حاليا خاظئة، و أن اليوم الواحد هو في الواقع أربعة أيام مختلفة تحدث جميعاً نفس الوقت.
بمعنى، أنه يرى أن الأرض تتكون من أربعة نقط زمنية متساوية، وذلك بسبب تغير أطوار اليوم من شروق، وغروب، و وقت ظهيرة، و قدوم ليل. وهو التفسير المنطقي الوحيد من وجهة نظره، فهو لا يعتبر أن لدوران الأرض تأثير في اختلاف أطوار اليوم.

نظرية الأرض المسطحة

صورة تخيلية للأرض فيما لو كانت مسطحة
صورة تخيلية للأرض فيما لو كانت مسطحة
لا يخفى على بال أحد هذا التصور الذي لازال سائداً في بعض المجتمعات ” المثقفة “، ويؤمن به فئة كبيرة من الناس إلى الآن. كان هذا الاعتقاد سائداً في الحضارات القديمة مثل اليونانية حتى الفترة الكلاسيكية، والعصور البرونزية، والحديدية، والهند والصين حتى القرن السابع عشر.
في الحقيقة، هناك أشخاص أخذوا الأمر على محمل الجد والاقتناع حتى في القرن العشرين. كان من ضمن هؤلاء المؤمنين رجل يدعى ” سامويل شينتون ” الذي أسس ” جمعية تسطح الأرض “، في العام 1956 م، لبحوث استواء الأرض.
كانت أشهر مقولاته التي حاول من خلالها إثبات النظرية، قبل إطلاق الاتحاد السوفيتي أول قمر صناعي باسم ” سبتينك “، أجاب سامويل نفسه قائلاً: هل الإبحار حول جزيرة وايت، سيُثبِت أنها كروية ؟ نفس الشيء بالنسبة لهذه الأقمار.!
في عام 1980 م أيضاً، أحد أعضاء تلك الجمعية يدعى ” تشارلز جونسون ” يحتذي حذو سابقه، قام بنشر بحث له في مجلة ” Science Digest “، قال فيه أن الأرض لابد أن تكون مسطحة، لأنها لو كانت بخلاف ذلك، سيتحتم على المياه الموجودة في بحيرة تاهو أن تكون منحنية، لأنه لم يجد أي انحناءات بعد دراسات مطولة في تلك البحيرة.

نقش فلاماريون

13
هذا أغرب تصور قيل في سطحية الأرض، حيث كان يُعتقد أن الأرض مكان شاسع مسطّح، مُحاط بقبة شفافة ألا وهي السماء.ولا أخفي سعادتي أن ذلك التصور دُحض مع غيره من الادعاءات و "النظريات" إن صح التعبير التي قيلت في هذا الخصوص، حين وضع الفلكي اليوناني فيثاغورس نموذج لكروية الأرض في القرن السادس قبل الميلاد.
أخيراً..
المؤذي نفسياً حقاً، أنه إلى الآن لا زال هناك جدلٌ واسع في معظم الأوساط المجتمعية حول نظريات تتعلق بالأرض، أبرزها تسطحها، وثباتها. جدل لا رحمة فيه حيث أنه يرتبط دائماً بالمعتقدات الدينية للمؤمنين به، المشكل ليس في التساءل أو الشك. المشكل حين نشك ولا نبحث عن الإجابة. لا أحد يلوم أحدا إن شك في كروية الأرض بل على العكس يجب أن نشك لكن يجب أن نبحث عن إجابة منطقية كذلك ولا نتشرب أول ما تسقى به عقولونا دون بحث ولا رغبة حقيقية بالاقتناع باسم الدين أو العادات أو لأنه شائع أو لمجرد الرغبة في الاختلاف.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire